إن الكلام في علم الأئمة (عليهم السلام) هو فرع عن الكلام في علم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
لأنا نقول: إن الإمامة هي خلافة النبوة والنبوة خلافة الله في أرضه. فإذا عرفنا ان الإمامة هي منزلة الإنبياء وارث الأوصياء - كما يقول الإمام الرضا (عليه السلام) - وآمنّا إنّ بها (زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين)، وأن الإمام الذي يجب أن يأتم به الناس وتجب عليهم طاعته هو الذي (يحلل حلال الله ويحرّم حرام الله ويقيم حدود الله ويذبّ عن دين الله ويدعو إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة والحجة البالغة) كما يجب أن يكون (المطهر من الذنوب والمبرأ من العيوب المخصوص بالعلم والموسوم بالحلم)، وعلى هذا فيكون (واحد دهره لا يدانيه أحد, ولا يعادله عالم, ولا يوجد منه بدل ولا له مثل ولا نظير , مخصوص بالفضل كله من غير طلب ولا اكتساب, بل اختصاص من المفضّل الوهّاب) (وإذا اختاره الله عزّ وجلّ لامور عباده شرح صدره لذلك, وأودع قلبه ينابيع الحكمة وألهمه العلم إلهاماً فلم يعيَ بعده بجواب, ولا يحيد فيه عن الصواب, فهو معصوم مؤيد موفق مسدّد, قد أمن من الخطأ والزلل والعثار, يخصّه بذلك ليكون حجته على عباده وشاهده على خلقه, وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) (فهل يقدر الناس على مثل هذا فيختارونه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدّمونه)
ــ كل ما بين القوسين فهو كلام الإمام الرضا (عليه السلام) قاله عندما خاض الناس في أمر الإمام بمرو في الجامع يوم الجمعة وحكى له ذلك، وقد أخرج الحديث بطوله ثقة الإسلام الكليني في كتاب الكافي في كتاب الحجة في باب نادر في مقتل الإمام (عليه السلام)، فلاحظ ــ
فإذا عرفنا معنى الإمامة ومقام الإمام حسب المنطوق المتقدم أمكننا أن نصحح كثيراً من المفاهيم الخاطئة التي يعيشها الناس في أذهانهم وخطأ تصوراتهم بالنسبة إلى علم الإمام، فعلم الإمام يجب أن يكون بمستوى مقام الإمامة التي هو أهلٌ لها. وهو كسائر بقية شرائطها من الأفضلية في شتى ميادين الكمال, وإلاّ فأيّ نقص وجد فيه يكون مفضولاً بالنسبة إلى غيره أو محتاجاً إلى سواه في تكميل نفسه, وهذا ينافي مقام الإمامة المبحوث عنها. والعلم بشتى فروعه وفنونه وسائر ما يتعلق به من شؤونه حتى العلم في الموضوعات الخارجية الجزئية الصرفة فضلاً عن العلم في الموضوعات للأحكام الكلية أو العلم بالأحكام لأن جهل الإمام بها نقص في رتبته وحط في منزلته, فلا يجوز أن يسأل عن حكم لم يكن علمه لديه حاضراً وإلاّ لم يكن حجة الله على عباده, فهذا العلم هو الذي نبحث عنه.
أما البحث عن مصدره وكيفيّة توفره لديه.
فهو إما كسبي بحت، بمعنى أنه يكتسبه من غيره كسائر الناس، فهذا منفي عنه لأنه لو كان كذلك لكان من الناس أعلم منه فهو أولى منه بالإمامة إذا توفرت فيه بقية الشرائط الاخرىز
وإما الحضوري بحت، بمعنى أن الأمور جميعها حاضرة ومنكشفة لديه لا تخفى عليه خافية على نحو علم الله تعالى، فهذا لا نقول به ولا يدعيه أحد, إذن من أين جاء علمهم؟
والأجابة على هذا السؤال نقول:
هو كسبيّ حضوريّ , يعني هو كسبيّ ولكن بتعليم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (علّمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألف باب من العلم يفتح لي من كل باب ألف باب كل باب يفضي إلى ألف ألف عهد)، وهو حضوري بنفس الوقت ولكن لا على إطلاق معنى الحضوريّ كما بالنسبة إلى علم الباري جلّ وعلا, بل هو بالنسبة إلى الإمام (عليه السلام) كما هو بالنسبة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إنكشاف لا كشف, وإحضار لا حضور - ان صح التعبير - لذلك صار علم الأئمة كسبيا ً بتعليم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو بتعليم الباري جلّ وعلا له, وحضورياً بالنسبة إليهم, فهم على كمال من العلم الذي هو موهوبٌ منه تعالى ومستفاضٌ عليهم منه بفضله. فلا يتوهم متوهمٌ الغلو في ذلك.
فليس الأئمة مشاركين لله تعالى في علمه فإن علم الله تعالى عين ذاته, وعلمهم عرضيٌّ موهوب ومفاضٌ عليهم من لدن عليم حكيم. فلا مجال لتوهم اتحاد العفلمَين أو اشتراك العَلمَين, جلّ ربّنا وتعالى , وهم عبادٌ مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.
وهنا نورد ما ينفع في المقام.
قال السعد التفتازاني - الأشعري - في شرح الحديث السادس والثلاثين من (الأربعين النووية / 109) عند شرح قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة). قال: (والعلم نور في قلب المؤمن مقتبس من مصباح الكلمات المحمدية والأفعال والأحوال الأحمدية, يهتدى به إلى الله وصفاته وأفعاله وأحكامه, فإن حصل بواسطة بشر فهو الكسبي, وإلاّ فهو العلم اللدني المنقسم إلى الوحي والإلهام والفراسة) , ثم ذكر الوحي وأقسامه إلى أن قال: ( فالألهام لغة الإبلاغ وهو علم حق يقذفه الله من الغيب في قلوب عباده (قل إنّ ربّي يقذف بالحق) والفراسة علم في كشف من الغيب بسبب تفرّس آثار الصور, والإلهام كشفها (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله).
فالفرق بين الالهام والفراسة, أنها كشف الامور الغيبية بواسطة تفرس آثار الصور, والإلهام كشفها بلا واسطة. والفرق بين الإلهام والوحي انه تابع للوحي من غير عكس... ا هـ) .
فبعد هذا البيان أيّ مانع عقلي أو شرعي من أن يكون علم الأئمة (عليهم السلام) من العلم اللدنيّ؟
من نتسأل ماهى مصادر علم الائمة "عليهم السلام"؟
مصادر العلم عند الأئمة من أهل البيت (ع) متنوعة وقد تصدَّت الكثير من الروايات لبيانها ويمكن إجمالها فيما يلي:
المصدر الأول: هو ما تلَّقاه الأئمة (ع) بواسطة الرسول الأعظم (ص)، وهو المعبَّر عنه في الروايات بالعلم الموروث، وهو يشمل العلم بالكتاب المجيد كلِّه والذي هو تبيان لكل شيء، والعلم بالسنَّة الشريفة بتمام تفاصيلها ودقائقها، والعلوم التي أنزلها الله عز وجل على أنبيائه من لدن آدم (ع) إلى نبيِّنا الكريم (ص)، فقد جُمعت في قلب رسول الله (ص) وعلَّمها رسولُ الله (ص) وصيَّة عليَّ بن أبي طالب (ع).
وقد دلََّت على ما أجملناه الكثير من الروايات الواردة عن أهل البيت (ع)
منها: ما ورد عن أبي جعفر (ع) "أن الله جمع لمحمد (ص) سنن النبيين من آدم وهلم جَّرا إلى محمد (ص)، قيل له وما تلك السنن؟ قال (ع): علم النبيين بأسره، وإنَّ رسول الله (ص) صيَّر ذلك كلَّه عند أمير المؤمنين (ع)".
المصدر الثاني: من مصادر علم أئمة أهل البيت (ع) هو مصحف فاطمة (ع) وهو كتاب بحجم القرآن ثلاث مرّات، إلا أنَّه ليس قرآنًا.
ومنشأ تسميته بمصحف فاطمة (ع) هو أنَّ مضامين هذا الكتاب كان قد تلقَّته فاطمة (ع) بواسطة الملَك الذي يُحدِّثها، فهو إذن من حديث الملَك وخطِّ علي (ع).
وقد ورد في ذلك روايات مستفيضة، وفيها ما هو معتبر سندًا.
منها: ما ورد بسندٍ معتبر عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: قال الإمام الصادق (ع): "وإنَّ عندنا لمصحف فاطمة (ع)، وما يُدريهم ما مصحفٌ فاطمة (ع)، قال: قلت: وما مصحف فاطمة (ع)، قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرّات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد، قال: قلت: هذا والله العلم..".
المصدر الثالث: من مصادر علم الأئمة (ع) هو تحديث الملائكة لهم، وقد نصَّت على ذلك روايات مستفيضة وفيها ما هو معتبر سنداً.
منها: ما ورد بسندٍ معتبر عن محمد بن إسماعيل قال: سمعت أبا الحسن (ع) يقول: الأئمة علماء صادقون محدَّثون.
المصدر الرابع: من مصادر علم الأئمة (ع) هو الروح، وقد عرَّفته الروايات بأنَّه خلْقٌ من خَلْقِ الله تعالى كان مع النبي (ص) ثم هو مع الأئمة من بعده إمامًا بعد إمام، وبه يقف النبي (ص) والأئمة على كثير من المعارف الإلهية، وبواسطته يكون التسديد والعصمة.
وليس بوسعنا إدراك حقيقة وكنه هذه الروح، فإنه أمر مستصعب، فلا نتعدى مقدار ما أفادته الروايات والتي هي روايات كثيرة تفوق حدَّ الاستفاضة:
منها: ما ورد بسندٍ معتبر عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله تعالى تبارك وتعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ﴾(1)، قال (ع): "خلقٌ من خلْقِ الله عزَّ وجل أعظمُ من جبرائيل وميكائيل، كان مع رسول الله (ص) يُخبره ويُسدِّده، وهو مع الأئمة من بعده".
المصدر الخامس: من مصادر علم الأئمة من أهل البيت (ع) هو ما يُعبَّر عنه بالإلهام وعرَّفوه بإلقاء المعاني والحقائق والمعارف في القلب بطريق الفيض الإلهي أي بلا اكتساب، وهذا الطريق هو المعبَّر عنه في الروايات بالقذف والنكت في القلوب.
وقد فُسِّر المراد من الوحي في قوله تعالى ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾(2) بالإلهام والفيض الإلهي، فعرفت به أنَّ ابنها موسى سيردُّه الله إليها وإنَّه سوف يكون من المرسلين، وتلك من الحقائق المودعة في مكنون الغيب، ولم تكن أمُّ موسى من الأنبياء، ورغم ذلك أُلهِمت هذه الحقيقة الغيبيَّة.
1- الشورى/52.
2- الشورى/52.
لأنا نقول: إن الإمامة هي خلافة النبوة والنبوة خلافة الله في أرضه. فإذا عرفنا ان الإمامة هي منزلة الإنبياء وارث الأوصياء - كما يقول الإمام الرضا (عليه السلام) - وآمنّا إنّ بها (زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين)، وأن الإمام الذي يجب أن يأتم به الناس وتجب عليهم طاعته هو الذي (يحلل حلال الله ويحرّم حرام الله ويقيم حدود الله ويذبّ عن دين الله ويدعو إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة والحجة البالغة) كما يجب أن يكون (المطهر من الذنوب والمبرأ من العيوب المخصوص بالعلم والموسوم بالحلم)، وعلى هذا فيكون (واحد دهره لا يدانيه أحد, ولا يعادله عالم, ولا يوجد منه بدل ولا له مثل ولا نظير , مخصوص بالفضل كله من غير طلب ولا اكتساب, بل اختصاص من المفضّل الوهّاب) (وإذا اختاره الله عزّ وجلّ لامور عباده شرح صدره لذلك, وأودع قلبه ينابيع الحكمة وألهمه العلم إلهاماً فلم يعيَ بعده بجواب, ولا يحيد فيه عن الصواب, فهو معصوم مؤيد موفق مسدّد, قد أمن من الخطأ والزلل والعثار, يخصّه بذلك ليكون حجته على عباده وشاهده على خلقه, وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) (فهل يقدر الناس على مثل هذا فيختارونه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدّمونه)
ــ كل ما بين القوسين فهو كلام الإمام الرضا (عليه السلام) قاله عندما خاض الناس في أمر الإمام بمرو في الجامع يوم الجمعة وحكى له ذلك، وقد أخرج الحديث بطوله ثقة الإسلام الكليني في كتاب الكافي في كتاب الحجة في باب نادر في مقتل الإمام (عليه السلام)، فلاحظ ــ
فإذا عرفنا معنى الإمامة ومقام الإمام حسب المنطوق المتقدم أمكننا أن نصحح كثيراً من المفاهيم الخاطئة التي يعيشها الناس في أذهانهم وخطأ تصوراتهم بالنسبة إلى علم الإمام، فعلم الإمام يجب أن يكون بمستوى مقام الإمامة التي هو أهلٌ لها. وهو كسائر بقية شرائطها من الأفضلية في شتى ميادين الكمال, وإلاّ فأيّ نقص وجد فيه يكون مفضولاً بالنسبة إلى غيره أو محتاجاً إلى سواه في تكميل نفسه, وهذا ينافي مقام الإمامة المبحوث عنها. والعلم بشتى فروعه وفنونه وسائر ما يتعلق به من شؤونه حتى العلم في الموضوعات الخارجية الجزئية الصرفة فضلاً عن العلم في الموضوعات للأحكام الكلية أو العلم بالأحكام لأن جهل الإمام بها نقص في رتبته وحط في منزلته, فلا يجوز أن يسأل عن حكم لم يكن علمه لديه حاضراً وإلاّ لم يكن حجة الله على عباده, فهذا العلم هو الذي نبحث عنه.
أما البحث عن مصدره وكيفيّة توفره لديه.
فهو إما كسبي بحت، بمعنى أنه يكتسبه من غيره كسائر الناس، فهذا منفي عنه لأنه لو كان كذلك لكان من الناس أعلم منه فهو أولى منه بالإمامة إذا توفرت فيه بقية الشرائط الاخرىز
وإما الحضوري بحت، بمعنى أن الأمور جميعها حاضرة ومنكشفة لديه لا تخفى عليه خافية على نحو علم الله تعالى، فهذا لا نقول به ولا يدعيه أحد, إذن من أين جاء علمهم؟
والأجابة على هذا السؤال نقول:
هو كسبيّ حضوريّ , يعني هو كسبيّ ولكن بتعليم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (علّمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألف باب من العلم يفتح لي من كل باب ألف باب كل باب يفضي إلى ألف ألف عهد)، وهو حضوري بنفس الوقت ولكن لا على إطلاق معنى الحضوريّ كما بالنسبة إلى علم الباري جلّ وعلا, بل هو بالنسبة إلى الإمام (عليه السلام) كما هو بالنسبة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إنكشاف لا كشف, وإحضار لا حضور - ان صح التعبير - لذلك صار علم الأئمة كسبيا ً بتعليم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو بتعليم الباري جلّ وعلا له, وحضورياً بالنسبة إليهم, فهم على كمال من العلم الذي هو موهوبٌ منه تعالى ومستفاضٌ عليهم منه بفضله. فلا يتوهم متوهمٌ الغلو في ذلك.
فليس الأئمة مشاركين لله تعالى في علمه فإن علم الله تعالى عين ذاته, وعلمهم عرضيٌّ موهوب ومفاضٌ عليهم من لدن عليم حكيم. فلا مجال لتوهم اتحاد العفلمَين أو اشتراك العَلمَين, جلّ ربّنا وتعالى , وهم عبادٌ مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.
وهنا نورد ما ينفع في المقام.
قال السعد التفتازاني - الأشعري - في شرح الحديث السادس والثلاثين من (الأربعين النووية / 109) عند شرح قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة). قال: (والعلم نور في قلب المؤمن مقتبس من مصباح الكلمات المحمدية والأفعال والأحوال الأحمدية, يهتدى به إلى الله وصفاته وأفعاله وأحكامه, فإن حصل بواسطة بشر فهو الكسبي, وإلاّ فهو العلم اللدني المنقسم إلى الوحي والإلهام والفراسة) , ثم ذكر الوحي وأقسامه إلى أن قال: ( فالألهام لغة الإبلاغ وهو علم حق يقذفه الله من الغيب في قلوب عباده (قل إنّ ربّي يقذف بالحق) والفراسة علم في كشف من الغيب بسبب تفرّس آثار الصور, والإلهام كشفها (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله).
فالفرق بين الالهام والفراسة, أنها كشف الامور الغيبية بواسطة تفرس آثار الصور, والإلهام كشفها بلا واسطة. والفرق بين الإلهام والوحي انه تابع للوحي من غير عكس... ا هـ) .
فبعد هذا البيان أيّ مانع عقلي أو شرعي من أن يكون علم الأئمة (عليهم السلام) من العلم اللدنيّ؟
من نتسأل ماهى مصادر علم الائمة "عليهم السلام"؟
مصادر العلم عند الأئمة من أهل البيت (ع) متنوعة وقد تصدَّت الكثير من الروايات لبيانها ويمكن إجمالها فيما يلي:
المصدر الأول: هو ما تلَّقاه الأئمة (ع) بواسطة الرسول الأعظم (ص)، وهو المعبَّر عنه في الروايات بالعلم الموروث، وهو يشمل العلم بالكتاب المجيد كلِّه والذي هو تبيان لكل شيء، والعلم بالسنَّة الشريفة بتمام تفاصيلها ودقائقها، والعلوم التي أنزلها الله عز وجل على أنبيائه من لدن آدم (ع) إلى نبيِّنا الكريم (ص)، فقد جُمعت في قلب رسول الله (ص) وعلَّمها رسولُ الله (ص) وصيَّة عليَّ بن أبي طالب (ع).
وقد دلََّت على ما أجملناه الكثير من الروايات الواردة عن أهل البيت (ع)
منها: ما ورد عن أبي جعفر (ع) "أن الله جمع لمحمد (ص) سنن النبيين من آدم وهلم جَّرا إلى محمد (ص)، قيل له وما تلك السنن؟ قال (ع): علم النبيين بأسره، وإنَّ رسول الله (ص) صيَّر ذلك كلَّه عند أمير المؤمنين (ع)".
المصدر الثاني: من مصادر علم أئمة أهل البيت (ع) هو مصحف فاطمة (ع) وهو كتاب بحجم القرآن ثلاث مرّات، إلا أنَّه ليس قرآنًا.
ومنشأ تسميته بمصحف فاطمة (ع) هو أنَّ مضامين هذا الكتاب كان قد تلقَّته فاطمة (ع) بواسطة الملَك الذي يُحدِّثها، فهو إذن من حديث الملَك وخطِّ علي (ع).
وقد ورد في ذلك روايات مستفيضة، وفيها ما هو معتبر سندًا.
منها: ما ورد بسندٍ معتبر عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: قال الإمام الصادق (ع): "وإنَّ عندنا لمصحف فاطمة (ع)، وما يُدريهم ما مصحفٌ فاطمة (ع)، قال: قلت: وما مصحف فاطمة (ع)، قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرّات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد، قال: قلت: هذا والله العلم..".
المصدر الثالث: من مصادر علم الأئمة (ع) هو تحديث الملائكة لهم، وقد نصَّت على ذلك روايات مستفيضة وفيها ما هو معتبر سنداً.
منها: ما ورد بسندٍ معتبر عن محمد بن إسماعيل قال: سمعت أبا الحسن (ع) يقول: الأئمة علماء صادقون محدَّثون.
المصدر الرابع: من مصادر علم الأئمة (ع) هو الروح، وقد عرَّفته الروايات بأنَّه خلْقٌ من خَلْقِ الله تعالى كان مع النبي (ص) ثم هو مع الأئمة من بعده إمامًا بعد إمام، وبه يقف النبي (ص) والأئمة على كثير من المعارف الإلهية، وبواسطته يكون التسديد والعصمة.
وليس بوسعنا إدراك حقيقة وكنه هذه الروح، فإنه أمر مستصعب، فلا نتعدى مقدار ما أفادته الروايات والتي هي روايات كثيرة تفوق حدَّ الاستفاضة:
منها: ما ورد بسندٍ معتبر عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله تعالى تبارك وتعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ﴾(1)، قال (ع): "خلقٌ من خلْقِ الله عزَّ وجل أعظمُ من جبرائيل وميكائيل، كان مع رسول الله (ص) يُخبره ويُسدِّده، وهو مع الأئمة من بعده".
المصدر الخامس: من مصادر علم الأئمة من أهل البيت (ع) هو ما يُعبَّر عنه بالإلهام وعرَّفوه بإلقاء المعاني والحقائق والمعارف في القلب بطريق الفيض الإلهي أي بلا اكتساب، وهذا الطريق هو المعبَّر عنه في الروايات بالقذف والنكت في القلوب.
وقد فُسِّر المراد من الوحي في قوله تعالى ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾(2) بالإلهام والفيض الإلهي، فعرفت به أنَّ ابنها موسى سيردُّه الله إليها وإنَّه سوف يكون من المرسلين، وتلك من الحقائق المودعة في مكنون الغيب، ولم تكن أمُّ موسى من الأنبياء، ورغم ذلك أُلهِمت هذه الحقيقة الغيبيَّة.
1- الشورى/52.
2- الشورى/52.
السبت 16 أبريل 2016 - 21:04 من طرف ترين
» الوحيد صيانة كارير || 0235710008 || carrier 01210999852
السبت 16 أبريل 2016 - 21:03 من طرف ترين
» دعم فنى صيانة تكييفات كرافت (( 01129347771 _ 0235699066 ))
السبت 16 أبريل 2016 - 21:02 من طرف ترين
» اسطول صيانة شارب {{ 0235699066 # 01060037840 }} sharp
السبت 16 أبريل 2016 - 21:02 من طرف ترين
» توكيل يونيون اير & 0235699066 & 01220261030
السبت 16 أبريل 2016 - 21:01 من طرف ترين
» ارقام خدمة صيانة باور || 0235710008 || 01112124913
السبت 16 أبريل 2016 - 21:00 من طرف ترين
» توكيل ترين || 01092279973 || تكييفات ترين ||0235699066 trane
السبت 16 أبريل 2016 - 20:59 من طرف ترين
» اقوى صيانة اجهزة ثلاجات شارب 0235699066 || 01093055835
السبت 16 أبريل 2016 - 20:05 من طرف نور_نونو
» رقم تليفون توكيل فريزر طومسون 01096922100 || 0235682820
السبت 16 أبريل 2016 - 20:05 من طرف نور_نونو